أريد الاستيلاء على وظائفكم!

د النظام المدرسي العنصري والشكوك التي تحوم حوله أن يمنع أوزبن من أن تشق طريقها إلى المستقبل. ومع ذلك، فإن الفتاة البالغة من العمر 25 عامًا ذات الأصول التركية لم تدع اليأس يتملك منها، وهي تسعى لتحقيق حلمها بأن تصبح صحفية. ثمة حقيقة جلية واحدة بالنسبة لها: أنها تريد إحداث ثورة في المشهد الإعلامي وليس عليها أن تتماهى معه.

 

بقلم أوزبن أونال، الصور: زوي أوبراتكو:

Hannan Mousa: Übersetzerin 

Özben Önal
Foto: Zoe Opratko

قالت لي معلمة الفصل عندما كان عمري 12 عامًا إنه ليس من المعقول في حالتي أن ألتحق بالمرحلة الثانوية. كانت مهاراتي في القراءة والكتابة لا تزال غير جيدة بما فيه الكفاية، في حين أن ليوني، زميلتي في الصف، حصلت على درجات أسوأ مني في اللغة الألمانية وحصلت على توصيتها دون أي صعوبات. انتحت بي جانبًا بعد انتهاء حصتها، وأوضحت لي أنه ربما يكون السبب في ذلك هو التحدث باللغة التركية في منزلنا وأنه ليس من الممكن أن يحصل الجميع في ألمانيا على شهادة الثانوية – وأن ذلك ليس مقدَّرًا لي على كل حال. البلاد في حاجة أيضًا إلى أشخاص للقيام بـ "الوظائف الأخرى". ويستند تعليقها، المهين على مختلف الأصعدة، إلى الفكرة الأساسية الرأسمالية والكلاسيكية والاستغلالية التي وفقها تُصنَّف هذه الوظائف، والتي تم تخصيصها لنا لعقود، إلى فئات مهنية تتمتع بسمعة وعائد مادي أقل، لكنها تتطلب مجهودًا بدنيًا شاقًا، ولا تترك سوى فرصة ضئيلة للتقدم. 

من خلال سلسلة من المصادفات السينمائية، حصلتُ أخيرًا على توصيتي للالتحاق بالمرحلة الثانوية، والتي كانت لا تزال إلزامية حينذاك. بينما انكسرت ساق معلمتي في حادث تزلج في ذلك الحين، وتغيبت بالتالي عن المدرسة، ومديرتي، التي كانت توافقها الرأي، سقطت من على الدرج ولم تعد قادرة على العمل، كانت معلمة اللغة الإنجليزية هي التي قالت لأمي: "لا أرى أي سبب يمنع ابنتك من الالتحاق بالمرحلة الثانوية"، وحررت لي توصيتي. وهكذا تمكنتُ بطريقة ما من التسلل إلى نظام تعليمي عنصري والدراسة بعد ذلك. وهذا امتياز هائل. ولكن ماذا يحدث عندما أتعرض للخوف المستمر من كوني لا أتمتع بالقدر الكافي من الذكاء من خلال مجموعة مختلفة من العوامل؟ صحيح. سأصدق ذلك يومًا ما. 

Özben Önal
Foto: Zoe Opratko

انعدام الثقة بالنفس 

أتذكر الجلوس إلى طاولة المطبخ في منزل عائلة إحدى الصديقات قبل سبع سنوات، وكنتُ أتمنى ألا يسألني أحد سؤالًا. كان الأمر يتعلق بسياسة أردوغان في تركيا. لم يكن هناك آنذاك أي موضوع آخر في ألمانيا يحتدم فيه النقاش إلى هذه الدرجة. جرى النقاش بشأن كيف أصبحت تركيا على نحو متزايد دولة ديكتاتورية باللغة الألمانية الفصيحة في هذا المنزل الخاص بالأكاديميين، وكنتُ أشعر بالخجل لأنني لم أكن أعرف بعض المصطلحات المستخدمة. كنتُ خائفة للغاية من أن أُعتبر غبية لدرجة أنني غالبًا ما كنتُ أصمتُ، على الرغم من أنه كان لدي رأي، ووافقتُ على الآراء التي طُرحت على الطاولة وكنتُ أرغب في إضافة شيء ما. لكنني دائمًا ما كنتُ أشعر بأنني لستُ على درجة كافية من الذكاء للمساهمة بأي رأي ذي أهمية. كان السبب في ذلك هو أنني لم أتأثر بتجارب والدي وأجدادي فحسب، ولكن أيضًا بتجربتي الذاتية. إذا سُئلتُ، على سبيل المثال، عن رأيي الفعلي في أردوغان، فلم يكن ذلك لأن الأمر يتعلق بحوار متكافئ، ولكن لأنني في تلك اللحظة، كتركية، كنتُ أخضع لاختبار دمج متبلد ضد إرادتي.

Özben Önal
Foto: Zoe Opratko

القلق يتضاءل لكنه لا يختفي تمامًا 

لا تزال هناك بعض السياقات التي أولي فيها اهتمامًا خاصًا للتعبير عن نفسي بفصاحة في المواقف التي أشعر فيها بافتقار الثقة، حيث أتلقى نظرات احتقار، أو يتحدث معي شخص ما بازدراء. لا تزال هناك أيضًا لحظات لا تستطيع فيها عُقدي هزيمتي، حينما أشعر بالحاجة الملحة لقول: "انظروا، أنا ذكية!" كنتُ أنا نفسي لا أصدق هذا، واليوم أعرف: نعم، أنا ذكية بالفعل. والصوت الداخلي، الذي يخبرني أنني لستُ كذلك وأنه لا يزال يتعين علي إثبات نفسي للآخرين قد أصبح أكثر انخفاضًا من أي وقت مضى، لكنه لا يزال هناك. والواقع يقول بأن هذا القلق ربما لن يختفي تمامًا. لكن لن يحدث وأن أخبر نفسي مرة أخرى بأنني غير قادرة على فعل أي شيء يمكنني فعله.

 

لا مزيد من المواقف السلبية

"أريد الاستيلاء على وظائف الألمان، لا أريد الوظائف المخصصة لي، ولكن تلك التي يريدون حجزها لأنفسهم، بنفس الظروف، بنفس الراتب ونفس فرص الارتقاء"، كتبت فاطمة أيدمير هذا في مقالها "العمل"، والذي ظهر في المجلد Eure Heimat ist unser Albtraum“ ("وطنكم هو كابوسنا"). فعلت هذه العبارة على الفور شيئًا بي.

من ناحية، كان هذا لأنني تمكنتُ من التعرف على تاريخ عائلة أيديمير: جاء جدي إلى ألمانيا في عام 1964 كعامل أجنبي للكفاح من أجل ضمان مستقبل أفضل وتوفير المال لبناء منزل في تركيا. ولكن لأنه كان يأمل في مستوى معيشة أفضل لعائلته، أحضرهم بعد بضع سنوات حتى يترعرعوا في ألمانيا ويتعلموا في مدارسها. لقد عمل في المصانع لسنوات طويلة، وهو يعاني الآن من التبعات المريرة للإعاقات الجسدية الناجمة عن العمل الشاق، وكذلك جدتي التي كانت آنذاك تنظف منازل مختلفة لدعم جدي ماليًا. الحاجز اللغوي، والذي ظل قائمًا لأنه، بجانب العمل، كان هناك آنذاك ببساطة نقص في الموارد لتعلُّم اللغة الألمانية، إلى جانب الشعور الذي يُنقل باستمرار بأن المرء مجرد ضيف، قد أدى بهما إلى موقف سلبي وقبول للاضطهاد والعنصرية. لقد تغاضيا عن الأمر لأنه لم تكن لديهما الثقة بالنفس أو الشجاعة للدفاع عن نفسيهما. مر والداي، اللذان جاءا إلى ألمانيا في سن التاسعة والثانية والعشرين، بتجربة شبيهة بهذا لفترة طويلة. علاوة على ذلك، كان التعليم الجيد لأطفالهما يتصدر قائمة أولوياتهما، وأيضًا الانطباع الجيد الذي شعرا أنهما تركاه وراءهما كعائلة مدمجة؛ عفوًا، أقصد كعائلة متكاملة مثالية. لكن، مع مرور الوقت، كان يتحتم عليهما تعلُّم الدفاع عن نفسيهما. 

لكن أيضًا من ناحية أخرى، كان هذا لأن عبارة أيديمير هي انعكاس لعدم استمرار المشاركة منكسي الرأس في النظام القائم في ظل الهياكل العنصرية بسبب الخوف الداخلي والإحجام، ولكن لإعلان الحرب عليهم الآن جهرًا في الجيل الثاني أو الثالث.

 

أدركتُ خلال السنوات القليلة الماضية مع أكاديمية بيبر، التي تخرجتُ منها قبل بضعة أشهر، أن الكتابة، التي كانت حتى الآن مجرد هواية خاصة، إلى جانب اهتمامي بالأحداث الاجتماعية والسياسية، قد تمهد الطريق لي لأمتهن الصحافة. لدي ما يتطلبه الأمر لكتابة النصوص التي يمكن للناس التماهي معها، وأيضًا لكي يكون لدي رأي مناسب وأكون قادرة على التعبير عنه، وأتناقش مع الآخرين، وأتبادل الأفكار، وأساند نفسي وأكون قادرة على تغيير موقفي في نفس الوقت. أدركتُ أن لدي صوتًا يستحق أن يُسمع مثل الآخرين، صوتًا يجب أن يُسمع. ربما هو صوت أكثر إثراءً من أصوات الآخرين.

Özben Önal
Foto: Zoe Opratko

التنوع لا يزال خرافة 

لا تزال نسبة الصحفيين والصحفيات من أصول مهاجرة منخفضة للغاية لتمثل مجتمع ألمانيا أو النمسا. وفقًا لدراسة أُجريت عام 2021، فإن ستة بالمائة فقط من الصحفيين النمساويين من أسر مهاجرة. وليس أمامنا مجال حتى للحديث عن وظائف رؤساء التحرير. وجد صناع الإعلام الألمان الجدد في عام 2020 أن حوالي ستة بالمائة فقط من رؤساء تحرير وسائل الإعلام الأكثر انتشارًا في ألمانيا من أسر مهاجرة، نصفهم من دول مجاورة أو من دول الاتحاد الأوروبي. وأدى ذلك إلى أن وسائل الإعلام لم تعد تعكس واقع المجتمع ككل ولا تطور سرديات خطرة من الفئات المهمشة التي لها تأثير كبير على الرأي السائد للمجتمع ككل. وهذه ليست معلومات جديدة؛ فقد استُرعي الانتباه منذ سنوات إلى انعدام التنوع في وسائل الإعلام وإلى العواقب التي ينطوي عليها الأمر، ولكن الأمور لا تتغير إلا ببطء. لذلك، ليس من قبيل المصادفة أننا لا نزال نسمع كلمات مفتاحية مثل الهجرة أو الإسلام في سياق يكاد أن يكون مقتصرًا على السياق السلبي.

ولا أقصد بأي حال من الأحوال أن أقول إن القضايا الوحيدة التي لدينا بشأنها معرفة متخصصة هي الهجرة والاندماج والعنصرية، بل على العكس تمامًا. سيكون من الجهل أن نفترض أنك تُعتبر خبيرًا في هذه الموضوعات لمجرد أن والديك من أسر مهاجرة. إنهم في حاجة إلينا أيضًا لنعكس واقعنا ووجهات نظرنا والطريقة التي ننظر بها إلى الأشياء. تمامًا مثلما لم يستطع أجدادي وآبائي فعل ذلك، مثلما لم يتم تصوير واقعهم أبدًا. وهذا هو السبب في أنني أريد الوظائف التي لم يتم تخصيصها لنا لوقت طويل. أريد أن أكون قادرة على أن أكون صاخبة وغير عميقة، وأريد أن أجعل ألمانيا تنظر إلى نفسها في المرآة دون الحاجة إلى أن ينتابني الخوف، وأريد أن أساهم في إحداث ثورة في المشهد الإعلامي أخيرًا بالطريقة التي احتاجها لعقود دون الحاجة إلى أن أندمج بالكامل. واختتم بعبارات فاطمة أيدمير: "حلمي الألماني هو أن نتمكن جميعًا في النهاية من الحصول على ما هو مستحق لنا، دون أن نهلك في سبيل ذلك." ● 

أوزبن أونال تبلغ من العمر 25 عامًا، وهي ذات أصول تركية. تعمل أوزبن أونال كصحفية حرة، وتدرس للحصول على درجة الماجستير في الصحافة. وهي تتناول في عملها موضوعات مثل النقد الاجتماعي ومناهضة العنصرية والسياسة التركية

Anmelden & Mitreden

2 + 1 =
Bitte löse die Rechnung