"يمكنك فعل هذا عندما تتزوجين!"

الزواج كتذكرة إلى الحرية؟ تُسلٌم من يد الأب إلى يد الزوج حتى لا تعيش حياة مقيدة، لتتمكن من السفر ولتشق طريقها بنفسها؟

لا تتقبل الكاتبة ليلى أحمد كل هذا – وتكتسب حريتها شيئًا فشيئًا، حتى بدون رجل.

 

بقلم ليلى أحمد، صور: إينا أيدوغان

Layla Ahmed
Foto: Zoe Opratko

السفر حول العالم بمفردي أم مع الصديقات، أم الانتقال للعيش في الخارج، أم مجرد البقاء خارج المنزل لفترة أطول؟ لدى العديد من الفتيات من الأسر المهاجرة هذه الخطط، ولكن ماذا لو كان الزواج هو السبيل الوحيد لتحقيقها؟ "عندما تتزوجين يمكنك أن تفعلي ما تريدين." لقد سمعتُ هذه العبارة في حياتي بين الحين والآخر. عمري 18 سنة، أدرس، ويبدو أنني نضجتُ بالقدر الكافي لكي أتزوج، لكنني لم أنضج بالقدر الكافي لأتخذ قراراتي بنفسي. 

عندما أتذكر الماضي، فإنني كنتُ أحلم دائمًا بالسفر مع الصديقات، حتى أنني خططتُ بالفعل لهذه الرحلات معهن. أطلعتُ والدي بالطبع على خطتي في الحال، لأنني كنتُ مقتنعة تمامًا بأنني عندما أكبر سأذهب في "رحلة فتيات". حينها وُجِهت لي هذه العبارة لأول مرة: "يمكنك فعل هذا عندما تتزوجين." وسرعان ما انتهى النقاش مع رد والدي. لم أستطع أن أفهم الأمر. ما علاقة الزواج بخططي؟ ولماذا يجب أن أتزوج حتى أتمكن من السفر مع صديقاتي؟ سألتُ والدي أيضًا هذه الأسئلة. اضطررتُ إلى الاكتفاء بعدم سماع إجابة تعجبني على أي حال، ولذا توقفتُ أيضًا عن مناقشة الأمر معه. ولكن هل الزواج هو السبيل الوحيد لأقرر بنفسي ما يجب القيام به وما لا يجب القيام به ؟ أنا محظوظة لأن والدتي كانت تقف في صفي دائمًا، وقد أخبرت والدي أيضًا أن هذا لا يمكن أن يكون الجواب الصحيح.

 

هل الزواج هو السبيل الوحيد للحرية؟

 

في دائرة صديقاتي، غالبًا ما تدور مناقشات حول مَنْ تتمتع بمقدار أكبر الحرية ومَنْ لديها مقدار أقل. أشعر أحيانًا أن الأمر صار أشبه بالمنافسة، ومَنْ هي أكثر "تقييدًا" تستحق الشفقة الكاملة. لكن لدينا جميعًا شيئًا واحدًا مشتركًا: لقد سمعنا جميعًا من والدينا مرة واحدة على الأقل في حياتنا أنه لا يُسمح لنا بفعل ما نريد إلا بعد الزواج. أنا لا أتحدث فقط عن الشابات في المجتمع العربي، اللواتي نشأتُ معهن كنصف مصرية، ولكن أيضًا عن صديقاتي الأخريات، اللائي هن في الحقيقة غريبات تمامًا عن ثقافتي. يشعر الآباء في العديد من العائلات المهاجرة أن عليهم تحمل المسئولية الكاملة عن بناتهم حتى يتحملها رجل آخر. على الأقل هذا ما أقنع نفسي به لفهم لماذا يعتقد المرء أن المفتاح إلى الحرية يجب أن يكون رجلًا ما. هناك حرص على ألا تتأخر الفتيات خارج المنزل، لأن ذلك قد يكون أكثر "خطورة" عليهن. وماذا خسرت فتاة لبقائها خارج المنزل لهذا الوقت المتأخر من الليل؟

Layla Ahmed
Foto: Zoe Opratko

"بابا، ألا تثق بي؟" 

انشغلتُ بالأمر لفترة طويلة، وحاولتُ إيجاد حل لطمأنة والدي وللعيش في الوقت نفسه بالطريقة التي أريدها. كانت مساعدة والدتي، التي وُلِدت ونشأت في أوروبا، هي جوهر بناء الثقة بيني وبين والدي. لم تكن تؤمن بفكرة أنه لا يمكنني أن أعيش كما أريد إلا عندما أتزوج، وأرادت طرد هذه الفكرة من بال والدي أيضًا. 

تفحصتُ بيئتي من حولي وأدركتُ كيف تتزوج الفتيات في سن مبكرة – ليس فقط بدافع الحب، ولكنهن بالأحرى يعتبرن الزواج تذكرة لحريتهن. فهن يردن الخروج من المنزل، وبدء حياة جديدة، وتشكيل حياتهن كما يرغبن. السبيل الوحيد بالنسبة لهن هو الزواج حتى يتمكن من الخروج. لم أواجه هذه المشكلة أبدًا لأنني أشعر بالراحة تمامًا في المنزل، وأنا على علاقة طيبة مع والدي. وعلى الرغم من ذلك، عندما كان عمري 15 عامًا، كانت صرامة والدي دائمًا ما تزعجني للغاية. كنتُ أبحث عن محادثة خاصة بين الأب وابنته. التواصل في عائلتي هو أهم شيء، وعلى الرغم أن والدي محافظ إلى حد ما، إلا أنه دائمًا ما ينصت لي. لا أريد أن أعيش مقيدة، وعاجلًا أو آجلًا سأفعل ما يحلو لي. أوضحت له والدتي أنه سيخسرني إذا استمر في أن يكون صارمًا بهذا الشكل. "بابا، ألا تثق بي؟" كان هذا هو سؤالي له. أجابني بوضوح أنه لم يكن خطأي، وأن هذه الفكرة بأن عليه أن يعتني بي على مدار الساعة لن تختفي أبدًا. سيكون من الأسهل العيش على يقين من أن شخصًا آخر لا يزال يعتني بي حاليًا. هل هذا هو الهدف من الزواج؟ 

الزواج هو أكثر بكثير من مجرد تذكرة للحرية، وهو يعلم هذا أيضًا. وهو لا يرى الأمر "نوعًا ثانيًا من السيطرة" أو "أمانًا مزدوجًا"، بل هو الرغبة في عائلة أكبر، وفي مستقبل يتمناه لنفسه ولابنته. زواج جميل – لأن الزواج يمكن أن يكون واحدًا من أجمل الأشياء في العالم، وأنا أعلم هذا. أعلم أيضًا أنه يريد الأفضل لي وأنه سيدعمني في كل شيء. أنا لا زلتُ في مقتبل العمر، وأعتمد ماليًا على والدي، وأنا بالتأكيد لستُ مستعدة للزواج. تمكنتُ من إقناع والدي بآرائي، لكن الأمر مختلف مع العائلات الأخرى التي تجعل بناتها يشعرن باستمرار بأن عليهن الزواج – كما لو كان هذا هو الهدف الوحيد المهم في حياتهن. 

Layla Ahmed
Foto: Zoe Opratko

أعرف اليوم أن هناك خلف هذه العبارة ما هو أكثر بكثير من مجرد عذر لتجنب الجدل. ويمكن فهمها بطرق عديدة. تمكنتُ من إقناع والدي، بمساعدة والدتي، بأن الرجل أو الزواج ليسا هما الأهم وأنني أستطيع القيام بـ "رحلة الفتيات" بشكل جيد للغاية أيضًا بدون رجل. بالإضافة إلى ذلك، لا يرى الآباء أنهم يجعلون بناتهم يستشعرن بأنهن عبء يجب أن ينتقل إلى رجل آخر. أنا مشكلة زوجي حينئذٍ، ولستُ مشكلة عائلتي. إن هذا عارٍ تمامًا من الصحة. يجب تذكير الفتيات والشابات من حولي بأننا نعيش في جيل مختلف، وأن جميع الأبواب مفتوحة أمامنا. يمكننا أن نصبح مستقلات، ويجب ألا نعتمد أبدًا على أي رجل. لقد مُهد الطريق بالفعل لنا: جدتاي، على سبيل المثال، لم تعتمدا على أي رجل. الزواج هو أكثر بكثير من كونه مجرد تسليم الابنة إلى رجل. يجب أن ترغبي في الزواج للأسباب الصحيحة – لأنك تحبين الشخص، ولأنه في وسعك تخيُّل مستقبل معه، ولأنك تريدين قضاء بقية حياتك معه، وليس لأنه تذكرتك إلى الحرية. 

 

ليلى أحمد تبلغ من العمر 18 عامًا. تدرس ليلى علوم الإعلام والاتصال، وهي ذات أصول مصرية وسلوفاكية. كتبت ليلى بحثها عن المرحلة ما قبل العلمية للشهادة الثانوية النمساوية حول الحياة المتغيرة للمرأة المصرية بعد الربيع العربي.

Anmelden & Mitreden

11 + 7 =
Bitte löse die Rechnung